الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

حلاوة المولد.. حكايات من السمسمية لحد الملبن



حلاوة المولد..
حكايات من السمسمية لحد الملبن


تفضل ذكرى المولد النبوى الشريف أهم مناسبة بيحتفل بيها المصريين بعد العيد الصغير والكبير، والاحتفال ليه طقوس خاصة جدا، أهمها واخطرها حلاوة المولد.
حلاوة المولد جزء من عادات وتقاليد المصريين، يعنى لو سيادتك لسه "خاطب"، يعنى ده "موسم"، يبقى تدخل على خطيبتك وفى ايديك علبة حلاوة، أو عروسة حلاوة، ولو انت متزوج جديد، يبقى أهل العروسة جايين وفى ايديهم "الخزين"، وعلبة حلاوة المولد. الحكام والملوك اللّى تعاقبوا على حكم مصر، حاولوا كسب المصريين والتقرب اليهم عن طريق استغلال المناسبة، وغالوا فى الاحتفالات وصرفوا عليها بشكل مبالغ فيه، وكانت البداية من الفاطميين. الفاطميون كانوا بيقيموا الولائم أثناء المولد النبوى، وتضمن ده عمل الحلوى وتوزيعها على الحاضرين، ويقال انه كان بيتم صنع عشرين قنطار من الحلوى، يتم وضعها على 300 صينية ضخمة لتوزع على الحاضرين فى الجامع
ويقال إن عروسة المولد ظهرت خلال عهد الحاكم بأمر الله، اللّى كان بيحب واحدة من زوجاته بصورة كبيرة، فأمر بخروجها معاه يوم المولد النبوى، فظهرت فى الموكب بردائها الأبيض وعلى رأسها تاج الياسمين، فقام صناع الحلوى برسم الأميرة فى قالب حلوى، وصناع تانيين رسموا الحاكم بأمر الله وهو راكب حصانه وصنعوه من الحلوى. الفاطميين كمان كانوا بيشجعوا الشباب على عقد قرانهم يوم المولد النبوى، وللسبب ده أبدع صناع الحلوى فى تشكيل عرائس المولد وتغطيتها بأزياء تعكس روح هذا العصر. وفيه رواية كمان، بتقول ان الخليفة " المستنصر بالله " لمّا كان بيتأهب لتأديب بعض قبائل الصحراء المغيرة على أطراف مصر، قال لجنوده وقادته مشجعا لهم على القتال: حاربوا بمهارة وعندما ننتصر سأزوج كلا منكم عروس رائعة الجمال، وفعلا نجحت الحيلة، وعادوا منتصرين فزوجهم من أجمل جواريه، وعندما حل الاحتفال بالمناسبة فى العام التالى تصادف ذكرى المولد النبوى، فقام ديوان الحلوى التابع للخليفة بصناعة عرائس جميلة من الحلوى لتقديمها كهدايا إلى القادة المنتصرين وإلى عامة الشعب وخاصة الأطفال.
المؤرخ عبدالرحمن الجبرتى الذى عاش فى زمن الحملة الفرنسية على مصر، قال أن نابليون بونابرت اهتم بإقامة الاحتفال بالمولد النبوى الشريف سنة 1213 هـ 1798 م،من خلال إرسال نفقات الاحتفالات وقدرها 300 ريال فرنسى إلى منزل الشيخ البكرى نقيب الأشراف فى مصر بحى الأزبكية، وأرسلت أيضا إليه الطبول الضخمة والقناديل، وفى الليل أقيمت الألعاب النارية احتفالا بالمولد النبوى، وكرر نابليون الاحتفال فى العام التالى لاستمالة قلوب المصريين إلى الحملة الفرنسية وقوادها. وتوارث المصريون عبر الزمن الاحتفال بالمولد النبوى لغاية عصرنا الحالى، ولم تتغير مظاهر الاحتفال كثيرا عن العقود الماضية خاصة فى الريف والأحياء الشعبية فى المدن الكبرى. ومع بداية شهر ربيع أول من كل عام تقام سرادقات كبيرة حول المساجد الكبرى والميادين فى جميع مدن مصر، خاصة فى القاهرة، مكان مساجد أولياء الله والصالحين، زى مسجد الإمام الحسين والسيدة زينب، بتضم الشوادر أو السرادقات زوار المولد من مختلف قرى مصر، والباعة الجائلين بجميع فئاتهم، وألعاب التصويب وبائعى الحلوى والأطعمة والسيرك البدائى، وركن للمنشدين والمداحين، ودول فئة من المنشدين تخصصت فى مدح الرسول صلى الله عليه وسلم. حلاوة المولد من المظاهر التى ينفرد بها المولد النبوى الشريف فى مصر، يعنى لو خلص المولد يبقى كل سنة وانت طيب، عليك وعلى السنة الجاية، خلال الأيام دى بتنتشر حلاوة المولد وعلى رأسها السمسمية والحمصية والجوزية والبسيمة والفولية والملبن المحشى بالمكسرات.
كمان بتصنع من الحلوى بعض لعب الأطفال التى تؤكل بعد انتهاء يوم المولد وهى عروس المولد للبنات والحصان للأولاد.
وقد وصفها أحد الرحالة الإنجليز وهو مارك جرش الذى عاصر المولد النبوى فى مصر بأنها عروس متألقة الألوان توضع فى صفوف متراصة وترتدى ثيابا شفافة كأنها عروس حقيقية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق